الخميس، 15 سبتمبر 2011

العوامل العشرة لاختيار التخصص الطبي


العوامل العشرة لاختيار التخصص الطبي

كيف أختار التخصص الطبي الذي يناسبني

أنواع التخصصات الطبية - المحتوى العلمي و الإكلينيكي - مقدار الاحتكاك مع المرضى - نوعية المريض - المكانة الاجتماعية - نمط الحياة - مدة برنامج التدريب - الفرص المتاحة أمامك لتنافس على التخصص - مقدار الدخل الذي يمكن أن تحققه - فرص العمل المتاحة .


 
"ما التخصص الذي ترغب فيه؟"، أكاد أجزم بأن جميع طلبة الطب قد سئلوا هذا السؤال ممن حولهم العديد من المرات. بعضهم إجابته جاهزة حتى قبل التحاقه بكلية الطب، و كثير منهم إجابته "والله ما أنا عارف!".
لابد أن اختيار التخصص الطبي من بين كل الخيارات المتاحة أمام طالب الطب - أمر يشغل فكر الطلبة و لو بدرجات متفاوتة. و لابد أن الكثير – و أنا منهم – سأل نفسه أو سأل شخصاً أكثر منه خبرة "كيف أختار التخصص الطبي الذي يناسبني؟".
و قد وقع تحت يدي كتاب ممتاز، عنوانه  the ultimate guide to choosing a medical specialtyأو الدليل النهائي لاختيار التخصص الطبي لمؤلفه الدكتور برايان فريمان في ديسمبر من عام 2003، و هو كان وقتها طبيب تخدير مقيماً بمستشفيات شيكاغو الجامعية بمدينة شيكاغو بولاية إلينوي بالولايات المتحدة الأمريكية. و قد أحب أن يشاركنا هذا الطبيب خبرته في الإجابة عن السؤال الذي شغل بالنا، و شغل باله أيضا كما ذكر في كتابه، فقال في مقدمة هذا الكتاب: "منذ ثلاث سنوات كنت طالبا حائراً في السنة الثالثة في كلية الطب، ليس  لدي أدنى  فكرة عن خطوتي التالية، سواءً في دراستي، أو في حياتي العملية ......... و سرعان ما تبين لي أن التخدير هو الأنسب. و قد تبين لي - في هذا الوقت - حاجة طلبة الطب لمصدر جيد مكتوب، يكون دليلا ً لهم لاتخاذ هذا القرار الصعب الذي يحدد مستقبلهم، و هكذا ولدت فكرة هذا الكتاب".
و الكتاب يأخذك في رحلة للبحث عن إجابة لهذا السؤال "كيف أختار التخصص الطبي الذي يناسبني؟"، فيذكر نبذة تاريخية عن نشأة التخصصات الطبية، وتطورها، ثم يبين العوامل التي تختار في ضوئها التخصص المناسب، ثم نبذة عن كل تخصص طبي، من إعداد مجموعة متميزة من الأطباء الأمريكيين المتخصصين في فروع الطب المختلفة.




 
و لعل الكثير قد كتبوا في هذا الموضوع فأبدعوا، و أجادوا. و لكن قد يصعب على بعض الطلبة  الحصول على هذه الكتب، أو قد لا يجدون الوقت، أو حتى الصبر على قراءتها. و لذا فقد رأيت أن أكتب هذا المقال المختصر في هذا الموضوع.
اخترت من الكتاب الذي أشرت إليه أهم نقطة فيه - في رأيي -؛ لتكون بداية التفكير الصحيح للطالب، و هيالعوامل العشرة لاختيار التخصص الطبي، و التي تمثل خطوطاً عريضة ترشدك - عزيزي الطالب - على طريق الإجابة عن هذا السؤال "كيف أختار التخصص الطبي الذي يناسبني؟".
و لم يكن دوري في هذا المقال مجرد دور المترجم و الناقل، و لكني زدت ما رأيته مناسبا، و لا يخل بالسياق.
فسواءٌ أ كنت طالبا ًفي إحدى كليات الطب، أو طبيباً مقيماً يرغب في تغيير مجاله، أو حتى طالباً في مرحلة ما قبل الجامعة، و تفكر في اتخاذ الطب مهنة في المستقبل، فستجد - إن شاء الله - في هذا المقال ما يعينك على اتخاذ القرار السليم، و اختيار التخصص  الطبي المناسب. فهيا بنا نستعرض العوامل العشرة لاختيار التخصص الطبي.
 


 عوامل أساسية

 

1- أنواع التخصصات : عامة و متخصصة و مساعدة 

 
 
نستطيع أن نقسم التخصصات الطبية المختلفة، و التي تبلغ نحو عشرين تخصصاً أساسياً - إلى ثلاثة مجموعات رئيسية تندرج تحتها التخصصات المختلفة هي: أ - تخصصات عامة / ب - تخصصات متخصصةج - تخصصات مساعدة .
 
و ينبغي على الطالب أن يختار نوع التخصص الذي يرغب فيه أولا ً، ثم يختار بعد ذلك ما يناسبه من التخصصات التي تندرج تحت هذا  النوع.

 

أ- تخصصات عامة


يمارس أطباء هذه المجموعة العناية الطبية الأولية. و تشمل هذه المجموعة طب العائلة، و طب الأطفال، و طب الأمراض الباطنية، و الطب النفسي، و أمراض النساء و التوليد. الطبيب الذي ينتمي إلى هذه المجموعة يتميز بالمعرفة الطبية الواسعة، و يتعامل مع المشاكل الطبية الشائعة و المزمنة في المجتمع. يشكل هذا الطبيب جزءاً من حياة مريضه، و يتابعه باستمرار لمدة طويلة. الطب الوقائي جزء لا يتجزأ من مهام هذا الطبيب، فعليه أن يلتقط الأعراض المبكرة للمرض ليمنع مريضه من أن ينتهي به الحال في العناية المركزة. و لأنه أول طبيب يرى المريض فمهمته صعبة في تشخيص المرض عن طريق أعراضه الأولية التي - في كثير من الأحيان - لا تكون محددة، و تصلح لمجموعة كبيرة من الأمراض.
يقضي هذا الطبيب معظم وقته في العيادة. و يقع على عاتقه ضغط شديد لأنه مطالب إلى حد كبير بالموسوعية في المعرفة الطبية، فعليه أن يعرف عن كل شيء، و أن يواكب التطور، و يتابع باستمرار الجديد في عالم الطب. 
 


ب - تخصصات متخصصة


 رغم أن طبيب الأطفال على سبيل المثال يعتبر في عرف الطب متخصصاً، إلا إننا في هذا المقام لا نعتبره  كذلك؛ لأن المقصود بالطبيب المتخصص هنا من يهتم بمنطقة معينة من الجسم، أو مجال محدد و ضيق من الطب. أطباء العيون و القلب و المسالك البولية و المخ و الأعصاب - على سبيل الذكر لا الحصر - جميعهم ينطبق عليهم هذا التعريف.
 يعتمد عمل الطبيب في هذه المجموعة إلى حد كبير على المهارات الفنية و التقنية مثل قسطرة القلب و جراحة العيون. يحل المشكلة الإكلينيكية لمريضه ثم يتابعه فترة قصيرة (على عكس التخصصات العامة). يتنقل هذا الطبيب بين المستشفى و العيادة أو ينشئ مركزاً طبياً متخصصاً. 



ج - تخصصات مساعدة


يقوم أطباء هذه المجموعة بعمل الإجراءات المساعدة لباقي الأطباء، سواء في التشخيص، أو العلاج الأولي، أو التأهيل بعد العلاج. تشمل هذه المجموعة تخصصات الآشعة، و العلاج الطبيعي و التأهيل، و التحاليل الطبية بأنواعها، و الطب النووي، و طب الطوارئ، و التخدير، بالإضافة إلى مجال البحث العلمي.
يعمل هؤلاء الأطباء غالباً في المستشفيات، و ربما ينشئ بعضهم معامل خاصة  للتحاليل، أو مراكز لإعادة التأهيل. رغم أنهم ليسوا من أطباء الصف الأول؛ لأنهم لا يحتكون مباشرة ً بالمرضى، و يعملون في الكواليس الطبية، إلا إن هؤلاء الأطباء لهم دور حيوي، و لا تتم  الرعاية الطبية على وجهها الصحيح دونهم. يعتبر هؤلاء الأطباء الجنود المجهولين في معركة الأطباء ضد المرض، و لذلك فهم لا ينالون التقدير الذي يستحقونه، و الذي يناله باقي الأطباء من المرضى و عائلاتهم بعد نجاحهم في تخفيف آلام المريض؛ و لذلك عليهم أن يشعروا بهذا التقدير داخلياً من عند أنفسهم.

2- المحتوى العلمي و الإكلينيكي 



ينبغي أن تحب مادة و محتوى التخصص الذي ستختاره و تقضي حياتك فيه، فإذا أحببت تخصصك، سوف تقبل بنهم على دراسته، و القراءة فيه، و سوف تكون عندك دائماً الرغبة في معرفة الجديد فيه؛ الأمر الذي سوف يؤدي بدوره إلى تميزك في هذا التخصص. يمكنك من خلال الدراسة قياس ميولك بالنسبة لمختلف التخصصات، فمثلا ً إذا كنت تميل إلى الفارماكولوجي و الفسيولوجي، فربما يكون التخدير هو الأنسب لك، و إذا كنت تكره التشريح، فابتعد عن الجراحة و الآشعة و الباثولوجي.
هؤلاء الذين يحبون المهارات الفنية و التقنية سيجدون أنفسهم منجذبين إلى الفروع المتخصصة (التي أشرنا إليها في العامل الأول) مثل الجراحة، بينما هؤلاء الذين يفضلون التجاوب مع المرضى، و يحبون أن يتعاملوا مع نطاق واسع من الحالات، فالأنسب لهم هي التخصصات العامة (التي أشرنا إليها أيضا في العامل الأول). 
 


3- مقدار الاحتكاك مع المرضى 

 
ينبغي عليك أن تعلم مقدار احتكاكك بالمرضى في التخصص الذي تختاره. معظم طلبة الطب يحبون الاحتكاك بالمرضى، و الحديث معهم، و الكشف عليهم. بعضهم الآخر لا يجدون هذه المتعة في التعامل مع المرضى، و يتجنبون الكشف عليهم ما استطاعوا، و ينفرون من مناظر الجروح، و روائح الدماء. 
في الطب هناك مكان للجميع، و الكل له دوره المهم الذي لا غنى عنه. فإذا كنت تفضل العلاقات طويلة المدى، و الرعاية المستمرة للمريض،  ففكر في  الأمراض الباطنية و طب العائلة و ما شابه ذلك. أما إذا كنت ترغب في أن يكون احتكاكك مع المريض قصير المدى، و لغرض محدد، فلعل في طب الطوارئ أو التخدير ما يحقق مرادك.                                                                  
أيضاً، إذا كنت لا تمانع أن تعمل بسرعة، تحت الضغط و القلق، و أن تتسخ ملابسك، ففكر في طــب  الطوارئ، و الجراحة، و أمراض النساء و التوليد. في المقابل هناك ما يمكن أن نسميه بالتخصصات النظيفة؛ حيث يزيد مقدار التفاعل مع المريض كثيراً، و في نفس الوقت يقل مقدار الكشف اليدوي، و الفحص المباشر للجسم مثل الطب النفسي، و الرمد، و تشخيص الأورام.


4 – نوعية المريض 

 
لا طب بدون مرضى، و كل الأطباء في كافة التخصصات - بمن فيهم أطباء التحاليل في معاملهم -  يتعاملون مع المرضى بطريقة أو بأخرى. و من الأهمية بمكان عند اختيارك لتخصصك أن تتعرف على نوعية المرضى الذين سوف تتعامل معهم. 


طبيب الطوارئ - على سبيل المثال - مرضاه دائما ساخطون، غاضبون، منهم من جعلهم ينتظرون ساعات؛ لأن حالاتهم غير طارئة، و هو مشغول مع حالات أخرى لا تحتمل التأجيل. 
 
أما طبيب الأطفال فعليه التعامل مع آباء و أمهات قلقين، كثيري الشكوى، بالإضافة إلى أطفال مرضى كثيري العناد والبكاء.


هناك أيضا أطباء الأورام الذين يتعاملون مع مرضى بأمراض قاتلة، لا يرجى لهم الشفاء، رغم خضوعهم للعلاج العنيف.


كما يوجد طبيب أمراض النساء و التوليد، و مريضه عنيف، يغضب، و يعنف الطبيب لأي سوء تفاهم يتصور أنه يمكن أن يضر بالجنين. 



و هكذا ينبغي عليك أن تتعرف على مريضك و ترى هل ستستطيع التعامل معه أم لا؟


 

5 – الفرص المتاحة أمامك  لتنافس على التخصص 

 
مع الأسف - عزيزي الطالب - إن حبك لإحدى التخصصات لا يكفي وحده للالتحاق به؛ فزيادة التنافسية على كثير من التخصصات أصبحت من العقبات الكبرى في طريق اختيار التخصص. و لا بد على الطالب أن يعي حجم الفرص المتاحة أمامه للالتحاق بهذا التخصص أو ذاك؛ ذلك أن فرص الالتحاق ببعض برامج التخصص قد تكون أقل بكثير من بعضها الآخر. كما ينبغي عليه أيضاً ألا يبني قراره على تنبؤات من عينة "أنا لا أصلح إلا لطب الأطفال" أو "أنا لن أشغل بالي بالتفكير في أي تخصص آخر، فأنا قد اخترت طب العيون، و انتهى الأمر".                              
 قبل اختيارك لأي تخصص، عليك أن تقيم مستواك الأكاديمي تقييماً أميناً؛ لتحدد التخصصات التي تستطيع أن تنافس عليها، أو لتحسن من أدائك كي تنافس على التخصص الذي ترغب فيه. كما عليك أيضاً أن تتحلى بقدر كبير من المرونة، خاصة إذا كنت تفكر في التخصصات التي يكون التنافس فيها على أشده، فلا تحصر تفكيرك في خيار واحد لا تتصور نفسك في غيره، فقد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، بل ضع في ذهنك - إلى جانب خيارك الأساسي - خياراً ثانياً و ثالثاً تلجأ إليهما إذا لم يحالفك الحظ مع خيارك الأول، "وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ(216) سورة البقرة.
 

 

عوامل ثانوية 

 

6- المكانة الاجتماعية

 
ينبغي أن يكون اختيارك لتخصصك اختيارك أنت وحدك. اختر المجال الطبي الذي ترى أنه يناسبك، و أنك ستتميز فيه، و لا تلتفت أبداً إلى وجهة نظر الآخرين من حولك في اختيارك. بعض الناس يعتقدون أن طبيب العائلة، أو الطبيب النفسي لا يحظى بالمكانة الاجتماعية التي يحظى بها طبيب العيون أو جراح المخ و الأعصاب الذي يمكن أن يكون صاحب شهرة عالمية، و هذا غير صحيح، فلكل طبيب دوره المهم في الإطار الواسع للطب، و فكرة أن بعض التخصصات يحظى أصحابها بمكانة اجتماعية أعلى من بعضها الآخر، هذه الفكرة لا تتعدى كونها مجرد رأي شخصي في أذهان بعض الناس.
 إنك إذا طرحت هذه المؤثرات الخارجية جانباً ، فسوف تفكر بشكل صحيح، و تختار التخصص الأنسب لك، و ينتهي بك الحال إلى أن تكون طبيباً سعيداً - إن شاء الله -.
هذا، و المكانة الاجتماعية الحقيقية للطبيب تتحقق بتفانيه في عمله، و تميزه في تخصصه ودرجاته العلمية، و سمعته الطيبة، إلى جانب المكان الذي يعمل فيه، أو الهيئة التي يتبعها، و غيرها من العوامل التي لا علاقة لها من قريب أو من بعيد بنوعية التخصص الذي اختاره هذا الطبيب.
             

7 – نمط الحياة 

 
لقد كان الطب دائماً مهنة شاقة؛ فالطبيب يعمل ساعات طويلة في العيادة أو المستشفى، و حتى في وقت راحته قد يتلقى اتصالا ً في منتصف الليل لإجراء عملية ولادة، أو لإنقاذ حالة حرجة .
و كثير من الأطباء الشباب اليوم يرغبون في نمط للحياة يترك لهم مساحة لاهتماماتهم الأخرى، أو يتيح لهم قضاء مزيد من الوقت مع عائلاتهم. أضف إلى ذلك أن أكثر من نصف خريجي كليات الطب اليوم من الإناث، و معظمهن يرغبن في وظائف مرنة تتيح لهن تربية الأطفال، و إقامة حياة أسرية طبيعية. كما يعاني معظم الأطباء اليوم من ضغط كبير؛ نتيجة لمشاكل التأمينات، و التعويضات، و التهديدات بالمقاضاة من جراء أي خطأ يمكن أن يقعوا فيه، بالإضافة إلى فقدانهم الاستقلالية في حياتهم الشخصية، حتى أصبحت اتصالات منتصف و آخر الليل جزءاً من حياتهم.
تزداد نسبة هذه المشاكل في تخصصات العناية الطبية الأولية مثل الأمراض الباطنية، و أمراض النساء و التوليد، و الجراحة. لذلك يتجه كثير من الطلبة اليوم إلى التخصصات التي تتيح أسلوب حياة أفضل، و متاعب أقل. 
وفقاً لما ذكره الدكتور برايان فريمان، فإن هذه التخصصات تشمل الآشعة، و التخدير، و طب الطوارئ، و طب العيون، و طب الأمراض الجلدية، و الباثولوجي، و العلاج الطبيعي والتأهيل، و طب المخ و الأعصاب. جميع هذه التخصصات تتيح لك التحكم في عدد الساعات التي تريد أن تخصصها للعمل.
و مع هذا، فعليك - عزيزي الطالب - ألا تجعل كل همك الراحة، فقد تتحول تلك الراحة المزعومة إلى ملل، ليس لأن بعض هذه التخصصات مملة، و لكن لأنك قد تكون اخترت تخصصاً لا تحبه؛ لمجرد أنك تريد هذه الراحة  المزعومة، الأمر الذي أتى على حساب استمتاعك بعملك، و تحقيقك للإشباع النفسي بالتميز في تخصصك . فكل تخصص له عيوبه، و له مميزاته، و عليك أن توازن لتختار الأنسب لك.
 

8- مدة برنامج التدريب

 
بعد قضاء الطبيب فترة التكليف، و إعلان حركة النيابات من وزاة الصحة، يلتحق بإحدى مستشفيات وزارة الصحة في أي من قطاعاتها المختلفة. هذه الفترة يمارس فيها الطبيب عمله الطبي كطبيب مقيم تحت التمرين  تحت إشراف الأخصائيين و الاستشاريين العاملين بالمستشفى التابع لها؛ فهي فترة تدريب، وتمرين، وتعليم في مجال التخصص. 
و من الأمور التي ينبغي وضعها في الاعتبار عند اختيارك لتخصصك - أن بعض التخصصات تحتاج لفترات تدريب أطول من بعضها الآخر. و بشكل عام، فإن أقصر برامج التدريب تستغرق نحو ثلاث سنوات، و تشمل تخصصات الرعاية الأولية، والطب الباطني، وطب الأطفال، والأسرة، و بعض برامج طب الطوارئ. على الجانب الآخر فإن برامج التدريب في تخصصات مثل التخدير، و الآشعة، و الباثولوجي، و الأمراض الجلدية تحتاج لمدة أطول، تتراوح بين أربع أو خمس سنوات. و تأتي التخصصات الجراحية بمختلف أنواعها على قمة هذا الهرم، حيث تستغرق برامجها التدريبية من خمس إلى ثمان سنوات. و إذا كنت تريد التخصص أكثر- أي أن تتخصص في التخصص -، فتهيأ لمزيد من سنوات التدريب لتحضير الزمالة. فمثلا ً من يريد أن يتخصص في جراحة القلب، عليه إكمال برنامج التدريب في الجراحة العامة والمناظير والذي يستغرق في أغلب الأحيان خمس سنوات، ثم يتبعه بدخول زمالة جراحة القلب، والتي تستغرق سنتين. بعض الأطباء لا يكتفون بذلك، و يتخصصون أكثر في تخصصات التخصصات، فيتحملون مزيداً من سنوات التدريب و التعليم. و هكذا يمكن أن يظل الطبيب - إذا أراد - في تدريب مستمر؛ ليتخصص أكثر و أكثر.                       
على أن هذا العامل ينبغي أن يكون له تأثيره المحدود على اختيارك لتخصصك؛ فلا ينبغي لطالب الطب أن يختار تخصصاً لا يفضله لمجرد أن فترة التدريب فيه أقل من التخصص الذي يرغب فيه؛ فمرة أخرى، قد تقضي بقية عمرك طبيباً بائساً، فهل يستحق الأمر كل هذا العناء؟
 
 

9 – مقدار الدخل الذي يمكن أن تحققه

 

بعد سنوات طويلة من الدراسة بتكاليفها، ثم سنوات من التدريب و التكليف بأجورها الرمزية، يشعر الأطباء الخريجون بقلق شديد على مقدار الدخول التي سوف يحصلون عليها في المستقبل. إن بعض الأطباء - نتيجة لتزايد الأعباء، و تراكم الديون - يطرحون جانباً كل العوامل التي ذكرناها، و يتناسون أحلامهم و طموحاتهم، و يركزون بدلا ً من ذلك على الواقع الاقتصادي. و لذلك نجد كثيراً من الأطباء الشباب يتملصون من مجالات الرعاية الطبية الأولية التي أشرنا إليه من قبل؛ لأن عائدها المادي منخفض من وجهة نظرهم. بعضهم الآخر؛ نظراً لحاجتهم الماسة إلى سداد ديونهم على الفور، أو تغطية مصاريف الزواج مثلاً، فإنهم يبحثون عن التخصصات التي تحقق لهم دخلاً مرتفعاً نسبياً من بداية حياتهم المهنية، مثل التخدير، و الآشعة، و جراحة العظام.                                                 

مرة أخرى، لا تسمح لهذا العامل أن يؤثر على اختيارك أكثر مما ينبغي، فبمجرد أن تؤدي ديونك، أو مصاريف الزواج، أو غير ذلك من الأعباء المادية، فإنك لن تستطيع أن تنسحب هكذا ببساطة من هذا التخصص لتمارس بعد ذلك ما تحب، بل إنك ستقضي باقي حياتك المهنية فيه، شئت أم أبيت. واعلم أنه لا يمكن لأي قدر من الدخل أن يعوضك عن عمر تقضيه بائساً في تخصص لا تحبه.

 

10 – فرص العمل المتاحة

 
و هذا العامل لا يعول عليه كثيراً؛ لأنه غير منضبط، و غير مستقر، و سريع التقلب، مما يجعل التنبؤ بطبيعة سوق العمل أمراً صعباً، إن لم يكن مستحيلاً.
يحدثنا الدكتور برايان فريمان عن هذا التقلب في الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث لا يختلف الوضع كثيراً - في هذه النقطة - عن بلادنا العربية، فيذكر أنه في التسعينات كان لتخصص التخدير (و هو تخصصه) شعبية كبيرة، حتى ازداد عدد أطباء التخدير بشكل ملحوظ. و قد دفع هذا بالجمعية الأمريكية لأطباء التخدير إلى أن تجتمع لمناقشة هذا الأمر. و بعد لجان و تقارير، و على غرار غيرها من الدراسات المعيبة (وفقاً لرأي الدكتور فريمان)، خرجت توصية من هذه الجمعية بضرورة تقليل عدد أطباء التخدير في سوق العمل. و قد تفاعلت المؤسسات الصحية الخاصة مع هذه التوصية، فخفضت من قيمة المرتبات، و نسبة التعيينات بالنسبة لأطباء التخدير الجدد. و ابتعد طلبة الطب بدورهم عن هذا التخصص، يعينهم على هذا نصح الناصحين، و ما يقرأونه في الصحف كصحيفة (وول ستريت) من تقارير عن المستقبل الاقتصادي لهذا التخصص. و نتيجة لهذا الذي حدث، فإنه يوجد الآن في الولايات المتحدة الأمريكية نسبة عجز في أطباء التخدير تقدر بنحو 11%، وهو عجز كبير، و سيستمر لسنوات قادمة. الآن، و بسبب تزايد نسب الشيخوخة بين السكان، و زيادة الحاجة إلى وحدات العناية المركزة، وعيادات الألم، و نتيجة للتقدم الجراحي و التكنولوجي، فها هو التخدير يسعى بسرعة إلى مركزه التنافسي مرة أخرى، و يتنافس القطاع الخاص على أطباء تخدير مقيمين عن طريق عرض رواتب مغرية للغاية.
ينبغي عليك، و أنت تختار التخصص الذي تحلم به، ألا تعير اهتماماً كبيراً لوضع فرص العمل الحالي أو المتوقع؛ فمسألة العجز و الفائض غير مستقرة، و سريعاً ما تتغير، و الوضع أثناء دراستك في الكلية لن يكون على ما هو عليه بعد التخرج – إن شاء الله -، كما أنه لا يستطيع أحد أن يتنبأ بما يخبئه المستقبل في هذه النقطة بالتحديد. و على كل حال، نحن لم نسمع عن طبيب عاطل، يدور في الشوارع باحثاً عن عمل، أو يسأل الناس إلحافاً.
 

و في الختام ... كلمة 

 
إن تخطيطك لمستقبلك لا يتنافى مع توكلك على الله، و عليك أن تأخذ بالأسباب، و مع ذلك، فقد تختلف النتائج عما تتوقع؛ لأمر قد قدره الله. قد تخطط، و تفكر، و تجتهد، و بعد كل ذلك تضطرك الظروف إلى السير في طريق آخر غير الذي رسمته، فإياك أن تحزن على ما فاتك، ما دام لم يكن نتيجة تقصير منك، و لكن سر على بركة الله، و اعلم أن الخيرة فيما اختاره الله، "فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً" (19) سورة النساء. وقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عما يعمله الناس أهو أمر قد قضي وفرغ منه، أم أمر مستأنف، فقال: "بَلْ أَمْرٌ قَدْ قُضِيَ وَ فُرِغ َ مِنْهُ"، فقالوا: "ففيم العمل يا رسول الله؟" فقال : "اْعْمَلُواْ فَكُلٌ مُيَسًّرٌ لِمَاْ خُلِقَ لَهُ".

الطب البشري والتخصص


يوجد لدى الطلبة المقبلين على الجامعة وحتى في المجتمع الكثير من الخلط بشأن المصطلحات الوظيفية المتعلقة بالطب، مثل ما هو الطبيب، وما هو الأخصائي، وعلاقة ذلك بالمسميات الأكاديمية مثل الماجستير والدكتوراه، والحقيقة هي أن هذا الخلط لم يأت من غير سبب، وحتى أنا لا أعرف كل التفاصيل، لكنني سأشرح كل ما أعرفه.

البكالريوس (بداية الطريق)
في البداية، شهادة الطب، وهي عبارة عن شهادة بكالريوس  في الجراحة والباطنية، وهي بداية الطريق لممارسة الطب، الحصول على هذه الشهادة يتطلب عادة ما بين الخمس إلى السبع سنوات من الدراسة، وتدرس في كلية الطب في التخصص الذي يسمى بالعربية الطب البشري، وهي أول خمس إلى سبع سنوات بعد الثانوية.
بعض الكليات يتطلب نظامها الحصول على شهادة بكالريوس أخرى قبل الحصول على هذه الشهادة، النظام القديم في كلية الطب في جامعة الكويت كان عبارة عن سبع سنوات وكان يتضمن الحصول على شهادة بكالريوس في العلوم الطبية الأساسية بعد السنة الرابعة، وبعض الطلبة كان يترك الكلية بعد الحصول على هذه الشهادة ويتوجه مباشرة إلى العمل أو يتوظف في الكلية كمعيد ويسلك المسلك الأكاديمي على شهادة العلوم الطبية لأساسية، في بعض الجامعات الأمريكية والكندية لا يقبل الطالب في كلية الطب إلا بعد أن يكون قد حصل على البكالريوس في تخصص آخر.
لكن الفكرة الأساسية تبقى واحدة، وهي أن الطالب يتخرج في النهاية من كلية الطب ليكون مسماه طبيبا بعد أن يحصل على البكالريوس في الباطنية والجراحة.
التخصصات الأخرى مثل تخصصات الطب المساعد (العلاج الطبيعي، والأشعة، والمختبرات وغيرها) شهاداتها مختلفة، والطالب الذي يتخرج من هذه التخصصات لا يكون مسماه الوظيفي طبيبا ووضعه مختلف تماما.
هنالك أيضا تخصص طب الأسنان، وهو من اسمه يركز فقط على الأسنان، والطبيب الذي يتخرج منه يسمى طبيب أسنان، وهو مقارب بشكل كبير للطب البشري من حيث الراتب والمميزات، وهو التخصص الوحيد المقارب للطب البشري والمستقل في دراسته في نفس الوقت، التخصصات الباقية كلها من باطنية وجراحة وقلب وأعصاب وأطفال، كلها تندرج تحت الطب البشري.
بعد الحصول على شهادة البكالريوس (أي الخمس إلى سبع سنوات التي بعد الثانوية مباشرة)، يتخرج الطالب كطبيب، لكن دون تخصص، فالتخصص في مجال ما يأتي لاحقا بالمزيد من الدراسة والاختبارات، والطالب الذي تخرج بهذا الشكل يسمى ممارس عام، ووضعه غريب نوعا ما من حيث أنه من جانب ليس متخصصا في أي مجال من المجالات، ومن جانب آخر فإنه يستطيع أن يعمل في أي تخصص يريده، أغلب الأطباء لا يستمرون على هذا الوضع بل يدرسون لدرجات متفاوته من التخصص بعد ذلك.


مكان العمل والدرجة الوظيفية
هذه واحدة من أشهر نقاط الخلط، وهي الخلط بين مكان العمل وشهادة التخصص، فالمكان الذي يعمل به الطبيب لا يحدّه إلا قوانين المستشفى بهذا الشأن، فإلى فترة قصيرة مثلا، كانت وزارة الصحة في الكويت تسمح لأي خريج من كلية الطب أن يعمل في أي تخصص يريده، فيمكنك مثلا أن تتخرج من كلية الطب وتعمل في المستوصف القريب من المنزل، أو يمكنك أن تتخرج من كلية الطب وتعمل في قسم جراحة الأعصاب، الأمر راجع إليك وإلى توفر الشواغر وقبول القسم لك، هنالك إشارات لتغيير هذا الوضع في الكويت واجبار الأطباء الذين لم يدرسوا أي شيء بعد البكالريوس على العمل في المستوصفات فقط، لكن الفكرة هي أن هذه جزء من سياسات المستشفى ولا تحدد فقط بشهادة التخصص.
الأمر الآخر بشأن سياسات المستشفى والوزارة هو الدرجة الوظيفية، فالتسلسل الوظيفي في الكويت (وهو نفسه في الكثير من الدول الأخرى) كالتالي: متدرب، مساعد مسجل، مسجل، مسجل (أ)، ثم استشاري، هذه التسميات تعطى من قبل الوزارة، وليست جزءا من شهادات التخصص، بالطبع شهادات التخصص تلعب دورا مهما في تحديد ذلك، لكن هنالك اعتبارات أخرى أيضا مثل الأقدمية والشواغر، والشواغر بدورها يحددها نوع التخصص نفسه، فهنالك تخصصات مشبعة بالدكاترة قد تأخذ فيها الترقيات سنوات طويلة، وهنالك تخصصات ليس عليها اقبال كبير، والتدرج الوظيفي سريع جدا بسبب وجود الكثير من الشواغر.
ما أريد الوصول إليه هنا هو أن ليس كون الشخص يعمل في جهة متخصصة يعني بأنه أفضل من الذي يعمل في مكان عام أكثر، فهنالك استشاريون في طب العائلة يعملون في المستوصفات، أي أنهم على قمة السلم الوظيفي، وفي المقابل هنالك أطباء بدرجة مساعد مسجل يعملون في أكثر الأماكن تخصصا.
كما أنه ليس كل استشاري أفضل من كل مسجل (أ)، فقد يكون شخص ما يعمل كمسجل (أ) لعدة سنوات بسبب عدم وجود شواغر، بينما يترقى شخص آخر أحدث منه إلى استشاري بسرعة بسبب تخصصه الذي به الكثير من الشواغر، كما أن الغالبية العظمى من الأخصائيين الذين يحصلون على شهادة التخصص في كندا والولايات المتحدة الأمريكية، يكونون يعملون بمسمى استشاري في المستشفيات التي درسوا بها التخصص قبل عودتهم إلى الكويت، لكن بمجرد أن يأتوا إلى الكويت فإن الوزارة توظفهم بسمى مسجل (أ)، فيبدو الأمر وكأنهم عادوا إلى الوراء في مسمياتهم، لكن الحقيقة هي كما قلت أن هذا الأمر يعتمد على الشواغر وليس على الشهادة (ولو أنه فيه ظلم كبير بالطبع ويسبب ضيقا لدى الدكاترة).
المسمى الذي يعتمد على الشهادة هو مسمى “أخصائي”، فإذا كان شخص ما أخصائي في الباطنية فهذا يعني بأنه حاصل على شهادة في الباطنية بعد شهادة الطب العادية، ونفس الشيء أخصائي جراحة أعصاب، أو أخصائي قلب، وهكذا، في مقابل الشخص الذي يكون لقبه مثلا طبيب باطنية، أو جراح أعصاب، بدون كلمة أخصائي، فذلك يعني في الغالب بأنه لم يدرس التخصص لكنه يعمل به، كما أن مسمى أخصائي ليس له علاقة بالوظيفة، فلاحظ بأنني ذكرت الدرجات الوظيفية سابقا ولن تجد بينها درجة اسمها أخصائي.
في النهاية، لاحظ بأن ما قلته لا يعني بأنه عمليا لا توجد أي علاقة بين مسمى الأخصائي والدرجة الوظيفية، فالدرجة الوظيفية تعتمد بشكل كبير على هذا المسمى، فلا يمكن للشخص أن يصبح مسجل (أ) ما لم يكن أخصائيا، لكن هذا الأمر يظل جزءا من سياسة المستشفى وليس جزءا من الشهادة نفسها.


ما بعد البكالريوس (دراسة التخصص)
الآن السؤال الذي يبقى هو كيف تصبح أخصائيا في مجال ما؟
والحقيقة هي أنه لا توجد إجابة واحدة على ذلك، هنالك أكثر من طريقة لتعتبر أخصائيا معترفا بك، وهذه الطرق تختلف من دولة إلى أخرى، في الكويت مثلا، الجهة المسؤولة عن تحديد ذلك هي معهد الكويت للتخصصات الطبية (Kuwait Institute of Medical Specialties أو KIMS)، فهو يقرر الدورات المحلية والشهادات العالمية التي تجعلك أخصائيا في مجال ما، لذا فإن عليك أن تسأل عن الأمر في دولتك، وأنا لا أعرف تفاصيل ذلك حتى في الكويت، لأن هذه الأمور تتغير باستمرار.
لكن بشكل عام، هنالك ثلاثة طرق لإكمال الدراسة بعد البكالريوس.
الطريقة الأولى هي طريقة البورد، وهي عبارة عن دورة تمتد لبضع سنوات (حوالي خمس سنوات) تقوم في نهايتها بتقديم اختبار يدعى اختبار البورد، وفي حالك تعديك للاختبار تحصل على شهادة البورد، في هذا النوع من شهادة التخصص يكون المهم عادة هو سنوات التدريب الخمسة، أما الاختبار فليست عليه الكثير من التركيز وهو يكون تحصيل حاصل في نهاية العمل، وهذه هي الطريقة التي يحصل بها غالبية الدكاترة الجدد على شهادة التخصص، ويحصلون عليها عادة من أكبر مستشفيات كندا أو أمريكا ويحصلون بها على مقدار كبير من الخبرة.
الطريقة الثانية هي طريقة الزمالة أو العضوية في الجمعية الملكية، والزمالة هي عبارة عن اختبار من عدة أجزاء تقدمه، فإذا نجحت به تحصل على الشهادة، وإذا لم تنجح لا تحصل عليها، ولا توجد أية دورات أو دراسة نظامية أو عدد سنوات، فقط اختبار يمكنك أن تقدمه في أي وقت تشاء، أما كيفية الدراسة والتدريب للتمكن من اجتياز الاختبار فهي راجعة إليك، والمشكلة الكبرى في هذا الاختبار أنه صعب جدا وغير مضمون وقد تحاول لسنوات دون أن تنجح به، مقارنة بطريقة البورد التي تضمن بها التخرج بعد خمس سنوات ببرنامج نظامي وتحصل بها على الكثير من الخبرة العملية مقارنة بالخبرة النظرية المطلوبة في اختبار الزمالة.
واختبار الزمالة هذا هو اختبار بريطاني واسمه الكامل هو اختبار عضوية الجمعية الملكية للباطنية (Member of the Royal College of Physicians أو MRCP) أو اختبار عضوية الجمعية الملكية للجراحين (MRCS) وفي السابق كانت تسمى زمالة (Fellowship) بدلا من عضوية (Membership) وكانت المصطلحات هي (FRCP) للباطنية و(FRCS) للجراحة، بالإضافة إلى وجود اختبارات أخرى خاصة للتخصصات الأخرى مثل أمراض النساء والباطنية (MRCOG) وغيرها، وهذه الطريقة كانت الطريقة الأشهر بين الأجيال السابقة للحصول على شهادة التخصص، لذا فإنك تجد مثل هذه الرموز تحت أسماء الغالبية العظمى من الاستشاريين الحاليين في الكويت مثلا.
الطريقة الثالثة هي الطريقة الأكاديمية العادية، وهي أن تلتحق باحدى الجامعات كطالب ماجستير وتكملها وبعد ذلك الدكتوراه، ونوع الماجستير والدكتوراه يعتمد على الجامعة طبعا، وأنا شخصيا لا أعرف أي أخصائي حصل على شهادة الأخصائي بهذه الطريقة، أحد أشهر دكاترة الجامعة في الجراحة في الكويت حصل على الدكتوراه في الجراحة لكن وزارة الصحة لم تعتبره أخصائيا في الجراحة بهذه الشهادة بحجة أنها أكاديمية، فعليك بالحذر من هذا الجانب والسؤال قبل الاستمرار بهذه الطريقة إذا كنت تعتزم العودة للعمل في المجال الإكلينيكي، أما إذا كنت تريد العودة للعمل في المجال الأكاديمي، أي الكلية والتدريس والأبحاث، فهذا هو أفضل خيار لديك.


كيف تستخدم المعلومات السابقة
في الختام، أرجو أن أكون قد ساعدتك في إزالة بعض اللبس الذي كان لديك بشأن هذا الموضوع، المشكلة هي أن هذه الأمور ليست موحدة عالميا وهي تخضع لقوانين كل دولة، وحتى في الدولة الواحدة هذه القوانين قد تتغير من سنة إلى أخرى، لكنني على الأقل استطعت أن أوضح لك الصورة العامة إذا كنت تفكر بدراسة الطب والتخصص بعد ذلك، كما أن هذه المقالة تعتبر قاعدة جيدة للبدء بطرح الأسئلة على الجهات المختصة في بلدك، مع خالص تمنياتي لك بالتوفيق.