الخميس، 26 مايو 2011

من هم التكارنة والى من ينتمون ++( الحلقة الرابعة )++

الحلقة الرابعة

الاصل في مسمى (( تكروني))!

يقول
الدكتور
/ عمر بن حسن فلاته
مدرس بالمسجد النبوي الشريف - أستاذ بجامعة طيبة -


الحمد لله رب العالمين الذي بنعمته تتم الصالحات ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
تمثل قبائل (البرنو والفلاتة والهوسة … الخ )

أبرز قبائل غرب إفريقيا – جنوب الصحراء حيث تتفرع منها قبائل أخرى
عرفت بقبائل التكارنة ( التكاررة ) وهي أكثر شهرة في البلدان العربية – وخاصة الحجاز . وهذا الإطلاق ( التكاررة أو التكارنة ) قديم ارتبط بهذه القبائل منذ ترددها وتكرارها لأداء مناسك الحج والعمرة الذي تحرص هذه القبائل على أدائه وتكراره كما أن هذه القبائل عرفت بكثرة الهجرة إلى أرض الحرمين الشريفين منذ زمن بعيد ، وتزداد الرغبة إلى الهجرة كلما وجد لها مبرر شرعي أو طبيعي ، ولذا فقد عرفت جماعة التكارنة بمكة المكرمة ، وبالمدينة المنورة من أزمان بعيدة حيث وردت الأخبار عنهم في كثير من كتب التاريخ . لاسيما التي تتحدث عن الحياة الاجتماعية والسياسية والدينية للمجتمعات الإسلامية ، كما أن الوثائق التاريخية ، وتراجم الأعلام ، وذكر المدارس والأحياء والأربطة والأوقاف تورد أسماء الجماعة التكارنة في هاتين المدينتين المقدستين ، وقد تعرضت المدينة إلى إخلاء معظم سكانها إبان الحرب العالمية الأولى والثانية ، لظروف خاصة ، وقد تأثر كثير من جماعة التكارنة بهذا الإخلاء فسافروا إلى الشام وتركيا ، وكثير منهم رجعوا إلى أفريقيا وبعد أن انجلت الحروب عاد كثير منهم إلى المدينة ومارسوا نشاطاتهم المختلفة ، وانخرط الكثير منهم في الأعمال والوظائف الحكومية والأعمال الخاصة بل اشتهر كثير منهم بممارسة بعض الحرف كالبناء واللياسة والنجارة و السقاية والعتالة والفرانة والطباخة والخياطة والسواقة شأنهم شأن ساكني المدينة المنورة .


++++++++++++++++++++++++++++++++++=

مملكة التكرور من الضعف للقوة للتفكك


في بدايات وأواسط القرن الثالث عشر الهجري (1210ـ 1260هـ ) كانت مملكة التكرور في ضعف شديد ولم يُسمي المؤرخون لها حاكما قويا يَلمُ شملها، وعلى الأرجح أن مملكة التكرور كانت مقسمة للمالك وإمارات صغيرة ليس لها تأثير يذكر عسكريا أو سياسيا في تلك الفترة. لكن مع مطلع القرن التاسع عشر الميلادي ظهرت حركات إصلاحية كثيرة في غرب إفريقيا وبلاد التكرور ،كما في بقية أجزاء العالم الإسلامي حيث كانت حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نجد مابين عامي 1730و 1793م تقريبا.

اشتهر من هذه الحركات الإصلاحية 

حركة الشيخ عثمان دن فوديو وحركة الحاج عمر تالالمتزامنتان تقريبا.

ورغم أن بعض المحللين يصفون هذين الرجلين بالصوفية فأعمالها وجهادهما تدعوا للتساؤل عن صحة هذه المقولة. فكما هو معلوم، فالصوفية يكتفون بالتأمل والعزلة ولا يجاهدون عدوا ولا يقارعون كافرا وكل همهم العيش الخشن والتمتمة. والحقيقة هناك بعض النصوص التي تؤكد أن منهج الصوفية كان من التجارب التي مر بها الشيخ عثمان دن فوديو في بداية شبابه لكنه ترك العزلة وتفرغ للجهاد بقية حياته.



حركة الشيخ عثمان دن فوديو

ونبدأ بأولهما مولدا، الشيخ عثمان دن فوديو الذي ولد حوالي سنة 1754م. درس الشيخعثمان العلوم الإسلامية على يد والده و أعمامه وبدأ بنشر الدعوة وهو في سن العشرين في بلدته دقل. في بداية حياته وجهاده ربط الشيخ عثمان الجهاد بقرب ظهور المهدي آخذا برأي السيوطي الذي حدد في كتبه موعد ظهور المهدي بسنة 1200هـ. لكن الشيخ عثمان تراجع عن هذا التوجه بعد ما لاحظه من ادعاء بعض المفترين بالمهدية ونفى ان يكون هو نفسه المهدي. 

أدى الشيخ عثمان فريضة الحج وعاش فترة بين أبناء جلدته من قدماء المهاجرينالتكروريين، كما التقى برجال الدعوة السلفية للشيخ محمد بن عبد الوهاب في الحجاز وتأثر بها. الرئيس السابق لقسم التاريخ في قسم العلوم الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور مصطفى مسعد مؤلف كتاب " دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في حركة عثمان بن فودي الإصلاحية في غرب إفريقيا" يؤكد تأثر حركة الشيخعثمان بن فوديو بالدعوة السلفية وبين تطابق أسلوب ومنهج الدعوتين. اتبع الشيخ عثمان نفس طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نشر الدعوة وهو أسلوب بعث الرسائل وبث الدعاة.

كان الشيخ عثمان يجوب المساجد والأحياء ويلقي الخطب ويكتب باللغة العربية. وللشيخ قصائد بلغة الهوسه والفلاني مكتوبة بالأبجدية العربية.

هذه المواعظ أكسبت الشيخ شهرة عريضة وكانت من أسباب التفاف الناس حوله من قبائل كثيرة.

وفي عام 1795م أعلن الشيخ عثمان الاستعداد لجهاد حاكم إمارة جوبير بهدف "إزالة الظلم والطغيان بعد تفشيه هناك" وتطهير العقيدة الإسلامية مما لحقها من الشوائب والشرك ونشر الإسلام بين الوثنين. حاكم إقليم جوبير الذي ينتمي له الشيخ، واسمه نفاثا، كان قلقا من حركة الشيخ عثمان وحأول السيطرة عليه.

أعلن نفاثا أن امتياز الدعوة للشيخ فقط ولا يحق لاتباعية نشرها بين الناس. كما اصدر مراسيم قضت برجوع من اسلم من الوثنيين لوثنيتهم وان لا مسلم إلا من كان أبواه مسلمان. كما منع الرجال من لبس العمائم ومنع النساء من ارتداء الحجاب، ولا يستبعد أن تكون تلك الإجراءات بإيعاز من الانجليز الذين كان لهم وجود قوي في تلك المناطق. بل إن الحاكم حأول القبض على الشيخ عثمان أو التخلص منه.

كانت تلك الإجراءات سببا في خروج الشيخ واتباعه للصحراء ليستقر في مدينة بعيدة تسمى جودو.

 ومن هناك كانت بداية تأسيس إحدى اكبر الممالك الإسلامية في غرب إفريقيا. فمن جودو أعلن الشيخ عثمان الجهاد وخاض معارك كثيرة ووجدت دعوته استجابة واسعة في غرب إفريقيا وانضمت لحركة قبائل من مناطق تشاد والنيجر والطوارق. وانتظم الجهاد وشمل كافة لإمارات مثل كانو وزاريا ثم تُوج الجهاد بتأسيس خلافة سكوتو عام 1831م وسمي الشيخ بأمير المؤمنين. اسمرت حياة هذه الإمارة حتى عام 1903م حيث سقطت على يد الاستعمار الانجليزي وأعوانه. توفي الشيخ عثمان بعد ذلك الجهاد الطويل وخلفه ابنه محمد بيلو
للشيخ عثمان مؤلفات كثيرة منها "إحياء السنة وإخماد البدعة" ونصيحة أهل الزمان" وكتاب " أصول الدين" وتؤكد هذه المؤلفات أن الشيخ كان واسع الاطلاع على الأحاديث النبوية الشريفة ، وأقوال الخلفاء الراشدين وأتباعهم وآراء الأمة الأربعة. كان الشيخ يهدف من مؤلفاته إصلاح أحوال العلم والعلماء وتطبيق أحكام الله، و تصحيح الإيمان بشكل يؤدى إلى إقامة الشريعة كما أمر الرسول نهى والتبصر في الدين. كان الشيخ رحمه الله فصيحا بليغا، جميل العشرة كريم الصحبة.




يتبع,,,,,,,

من هم التكارنة والى من ينتمون ++( الحلقة الثالثة )++

 الحلقة الثالثة 

منصور إبراهيم من جدة:
التكرورTukulor هو اسم لشعب كبير من القبائل الحامية أسس مملكة أفريقية قديمة جدا امتدت من غرب السودان إلى سواحل بحر الظلمات في أراض شاسعة تزيد عن مساحة الجزيرة والعراق والشام معا.
ضمت تلك المملكة أرضي المناطق المعروفة اليوم سياسيا بالسنغال ومالي ونيجيريا و النيجر وتشاد وصولا إلى حدود دار فور في السودان ويذهب بعض المؤرخين، خاصة العرب، إلى إن اسم تكرور هو اسم لمدينة على نهر السنغال الحالي وكانت عاصمة مملكة التكرور. 
وقد وصف المؤرخ القلقشندي مدينة تكرور بالمدينة الكبيرة ويقول عنها إنها اكبر من مدينة سلا التابعة لبلاد المغرب. كما ذكر إن مملكة التكرور تشتمل على أربعة عشر إقليما وان أكثر ما يجلبه إليها تجار المغرب الأقصى (شمال إفريقيا) هو الصوف والنحاس والخرز وأكثر ما يشترونه منها هو التبر(الذهب الخالص(


ويدل هذا الوصف على الغنى الواسع الذي تمتعت به تلك المملكة. وحتى اليوم، لا تزال الكثير من دول تلك المناطق تُصنف بين اكبر منتجي الذهب في العالم الذي كان من الأسباب الرئيسة لقدوم المستعمر الأوربي. وعبر العصور بات كل من ينتمي لغرب إفريقيا ينسب لمملكة التكرور ويسمى بالتكروري. بينما يرى البعض أن اللقب جاء ربما نسبةللتكرار وهي كلمة عربية انطبق معناها على التكروريين، لكثرة تكرارهم أداء فريضة الحج. ومع ذلك، تتفق المصادر التاريخية العربية والغربية على تسمية جزء من شعوب غرب إفريقيا بالتكرور وان كانت المصادر العربية خاصة الحديثة منها تنسب كل سكان غرب إفريقيا للتكرور، التي دخلها الإسلام سنة 1030م بإسلام أفراد وجماعات صغيرة على يد التجار المسلين القادمين من شمال إفريقيا.

ويذهب الدكتور محمد فهيم فلاتة ( أستاذ التربية بجامعة أم القرى ) إلى ( أن كلمة تكرور مصطلح عربي أوجده العرب بعد الإسلام لتعريف شريحة عريضة من شعوب وقبائل غرب إفريقيا، حيث كان الكتاب المؤرخون والرحالة العرب يسمون كل إفريقي بالحبشي أو السودان.
وأن استعمال هذا المصطلح كان ضروريا خاصة عند أهل الحجاز لحاجتهم لتعريف الناس في هويات عرقية تُسهل وصفهم وربطهم بالجهة التي قدموا منها للحج. أيضا، هذا المصطلح وغيره سهل وصف مصادر البضائع التي تُجلب لمكة والمدينة، فهذا عود جاوي، وهذه جُبة فارسية وتلك نعال حضرمية وهذه قلادة تكرورية.


بينما يؤكد المهندس محمد أحمد تكروني الموظف في شركة آرامكو 
( 
كلمة تكروري باتت ملكا لكل سعودي اسمر يرجع أصله 
لغرب إفريقيا وهي ملتصقة به بصورة إرادية أو قسرية).

 ويكمل

 ( لما دخل الحجاز تحت حكم الملك عبد العزيز رحمه الله، كان التكروريون ضمن المواطنين الذين بايعوه في الحرم المكي وأعطوه الولاء بصفته إمام المسلمين. كانت تلك البيعة المباركة نقلة نوعية في حياة كل مواطن في الجزيرة العربية،أما بالنسبة للتكروريين فكانت حدثا تاريخيا جعل كبار السن منهم يلهجون بالدعاء للملك العادل بقية حياتهم. بل كانوا يوصون أبناءهم وأحفادهم بالدعاء له في كل مناسبة.



كان البعض منهم يدعوا للملك عبد العزيز كلما ذكر اسمه "السعودي"، بل ظل بعضهم يذكر عبد العزيز بخير حتى في آخر أيامهم في الدنيا. كل ذلك كان عرفناً ووفاءً لذلك الملك الفريد). الدكتور عبد الرحمن ملاوي ( مدرس تاريخ متقاعد ) يقول ( كانت أرض الحرمين من الأماكن القليلة من الأراضي الإسلامية التي لم يدخلها المستعمر الغربي فأصبحت الملجأ الأول لكافة المسلمين الذين تعرضوا للقمع في بلدانهم.

أتت المرحلة الحديثة لهجرة التكروريين لأرض الحرمين في إطار موجة عالمية من هجرة المسلمين للحجاز الذي كان تحت الحكم العثماني الضعيف جدا في تلك العقود. ففي تلك الفترة وقعت أراضي بخارى والجمهوريات الإسلامية الشمالية تحت الحكم الروسي، كما سقطت كل أجزاء المغرب العربي تحت الاستعمار الفرنسي والإسباني والإيطالي. أيضا في تلك الفترة كانت الهند وأجزاء كبيرة من ممالك المسلمين في بلاد جاوة وماليزيا واقعة تحت الاستعمار.

تحت هذه الظروف التي شكلت حقبة قاتمة في تاريخ البشرية، فر كل من استطاع من المسلمين لأرض الحرمين هاربا بدينة ونفسه. فما بين عامي 1860و 1930م وبسبب تبعات الحرب العالمية الأولى، هاجر لأرض الحجاز أعداد كبيرة من التكروريين و الجاوةوالبخاريين والهنود والمغاربة حيث تفاعلوا مع من سبقهم من الجاليات القديمة الهجرة من أبناء جنسهم ومن سكان الأماكن المقدسة من عرب الحجاز وأهل اليمن ليشكلوا مجتمعا فريدا في تكوينه الثقافي والعرقي تحت مظلة الأخوة الإسلامية التي تعززت بقيام الدولة السعودية على يد الملك عبد العزيز رحمه الله عام 1344هـ ). 

ولا ينسى سعيد عبدربه إطلاقا ما سمعه من أبيه وكبار عشيرته عن فرحهم بدخول الملك عبد العزيز الحجاز ويوضح ( في مجال الأمن تحقق الكثير للتكروريين كغيرهم من سكان الجزيرة، وهناك قصة مشهورة كثيرة التداول خاصة بين كبار السن من التكروريين تبين عدل الملك عبد العزيز وتظهر انه كان طرازاً فريداً بين حكام الجزيرة في كل العصور. في هذا النص، تقول القصة انه في زمن الدولة التركية وما بعدها كان اللصوص يختطفون بعض أبناء التكروريين طمعا في استرقاقهم.
وكردة فعل طبيعة، كان شيوخ التكروريون و عرفائهم يلجئون للحاكم شاكين ومطالبين بإعادة المخطوف. بحسب القصة، كان رد الحاكم دائما يأتي فاترا ويختم بجملة مشهورة " لقد أصبحتم كثيرين، وإن لم يسرق منكم هؤلاء القوم، فمن أين يكسبون لقمة ا لعيش"!


كانت السرقة والخطف وقطع الطريق أسلوبا مباحا لكسب العيش عند الأشقياء وشيئا مورثا عن آبائهم. ولما انضم الحجاز تحت حكم الملك عبد العزيز حاول بعضهم ممارسة ما تعودوا عليه من إرهاب الضعفاء والمسالمين العزل.

فخطفوا أحد أبناء التكروريين وقت وجود الملك عبد العزيز في المدينة المنورة. فلجأ له عدد من شيوخ التكروريين وشكوا له خطف الغلام وما تعانيه أمه من حزن وكبد لفقده. فما كان من الملك عبد العزيز، بحسب الرواية، إلا أن قال" أنا أخو نورة!" و نادى صاحب شرطته و أمره أن يحضر الغلام ومن خطفه قبل غياب شمس ذلك اليوم. وتمضي الرواية.... حيث يذكر كبار السن أن الملك عبد العزيز التفت إلى شيوخ التكروريين و قال "أبناؤكم كأبنائي وكل ما يسمكم يمسني". المهمُ، أن هذه القصة انتهت بإحضار الغلام المخطوف.

ينتشي العم سعيد ويكمل مترحما على الملك عبد العزيز بلهجة حجازية عذبة وصافية ( أما في مجال المساواة فقد تحقق الكثير أيضا.

يروي بعض كبار السن ممن عاصروا الحياة قبل توحيد المملكة على يد الملك عبد العزيز أن التفاوت والطبقية بين الناس بلغ حدا بعيدا لدرجة أن لبس الثوب الأبيض كان حكرا على فئة معينة في طبقة محددة.

مع قدوم الملك عبد العزيز زال الكثير من تلك المظاهر التي جعلت الناس شيعا وطبقات. لكن أهم ما تحقق كان المساواة في فرص التعليم. فبات أبناء الفقير والغني والكبير والصغير يحظون بنفس الفرصة لكسب العيش الكريم، تلك الفرصة التي تبدأ بالتساوي في حق دخول المدرسة دون شروط. ففي الصف الأول الابتدائي يبدأ الكل من نقطة واحدة ثم تكون الأولوية للأفضل والأقدر على التحصيل دون أي اعتبارات أخرى

يتبع ,,,,,,,
===========================================
عدنا!!!!
العميد فاطمة البرناوي
الرتبة العسكرية عميد متقاعد 
قائدة الشرطة النسائية الفلسطينية سابقا
.
ولدت في مدينة القدس لأب نيجيري مهاجر إلى القدس وأم أردنية



امتداد تواجد التكروريين خارج الجزيرة

ويوضح سعيد عبد ربه المشهور في حيه بمكة بالمعلم أن للتكارنة امتدادا خارج السعودية قائلا ( بسبب قلة أسباب العيش في الجزيرة في تلك الأزمنة، وبعد أداء فريضة الحج، كان بعض التكروريين يختارون العودة لأقاليمهم الأصلية البعيدة أو إعادة عبور البحر الأحمر والاستقرار في أرض السودان حيث وفرة الماء والغذاء وليكونوا، بالدرجة الأولى، قريبين من أرض الحجاز كي يتسنى لهم معاودة الحج.
في السودان، خاصة في غربه، توجد تجمعات كبيرة للتكروريين وبالذات في ولاية دار فور التي كانت مملكة مستقلة قبل وصول الاستعمار البريطاني لأفريقيا. أيضا، توجد للتكروريين تجمعات في بلاد الشام خاصة في فلسطين والضفة الشرقية لنهر الأردن
مثل أخوانهم ممن استوطن الحجاز، عاش التكروريون في الشام بكل حرية وحافظوا على حريتهم عبر القرون. وكامتداد لرحلة الحج، واصل الكثير من التكروريين السير شمالا بعد زيارة المدينة المنورة قاطعين مسافة تزيد عن الألف وثلاثمائة كليلو متر ليصلوا لأرض فلسطين حيث القدس و المسجد الأقصى. ففي فلسطين، مثلا، كان تواجدهم ملحوظا حتى بعد الاحتلال اليهودي لتلك الديار المقدسة، وقد شارك الكثير منهم في مقاومة الاحتلال والجهاد ضمن فرق المقاومة الفلسطينية



من هم التكارنة والى من ينتمون ++( الحلقة الثانية )++

الحلقة الثانية 



ويكمل سعيد عبدربه الذي يعمل في مجال المقاولات في مكة ولديه أبناء وبنات يعملون في السلك العسكري والوظائف المدنية الحكومية، وأحد أحفاده نجم كروي في أحد أندية جدة ( كانت رحلة الحج الهدف الوحيد تقريبا من تواجدِ التكارنة في أرض الحجاز منذ دخول الإسلام لغرب أفريقيا ما بين بداية القرن الحادي عشر الميلادي وحتى بداية القرن العشرين. لكن مع دخول الاستعمار لأراضي غرب أفريقيا واشتداده مابين العشرينات والخمسينات من القرن العشرين، اضطر الكثير منهم للهجرة فرارا بدينهم. كانت أرض الحرمين الوجهة الأمثل رغم اضطراب الأحوال السياسية فيها حينئذٍ) 

محاور الحج وتذكر المصادر التاريخية ثلاثة محاور رئيسة لطرق الحج من غرب أفريقيا لمكة المكرمة.


المحور الأول هو محور مدينة تمبكتو ( في مالي حاليا) العاصمة السياسية والعلمية لتلك المناطق. حيث كانت نقطة تجمع رئيسية للقوافل القادمة من الغرب.

والمحور الثاني هو مدينة كاتسينا قرب مدينة كانو ( في نيجيريا) وكانت محور تمركز القوافل القادمة من الوسط ومن محيط نهر النيجر.

أما المحور الثالث فكان مدينة ميدقوري. تتجمع القوافل من هذه المحاور الثلاثة في جادة رئيسة في مشارف تشاد وتنطلق في رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر عبر أراضي تشاد والسودان لنتقسم القوافل من جديد إلى ثلاث محاور كل منها يسلك طريقا مختلفة بعد قطع وسط السودان.

يتجه المحور الأول مباشرة لميناء بور سودان على البحر الأحمر ومنه يستقل الحجاج السفن التي تنقلهم للساحل العربي من البحر الأحمر على موانئ الليث والقنفذة وجدة وبعض الموانئ الصغيرة مثل رابغ. المحور الثاني يتجه جنوبا عبر أراضي السودان الشاسعة نحو أرض الحبشة ثم يعبر الحجاج مضيق باب المندب وصولا للجزيرة العربية في أرض اليمن ليواصلوا الرحلة برا مرة أخرى عبر طريق طويلة إلى مكة المكرمة. أما المحور الثالث فكان يتجه شمالا عبر مصر مارا بسيناء(قبل وبعد حفر قناة السويس)ليصل لفلسطين والقدس. بعد زيارة بيت المقدس، يواصل التكروريون رحلتهم الشاقة الطويلة لأرض الحجاز ليصلوا المدينة المنورة قادمين من الشمال.
ويتذكر عبدربه ما كان يسمعه من والده وجده من قصص وحكايات في تلك العصور البعيدة ووصولا للنصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري،فيقول ( قبل أن يمُن الله على الناس بعبد العزيز آل سعود، كانت الجزيرة العربية تُحكم بقانون الغاب. القوي يأكل الضعيف ولا يأمن فيها أحدا مهما كان حتى بين عصبته.... والغريب غريب بمجرد أن يبتعد مسافة يوم عن دياره. ورغم كل ذلك، استطاع الكثير من قُدماء التكروريين حماية أنفسهم وأهليهم عبر أهوال الطريق بالسير في كتل بشرية يصعب مهاجمتها أو اختراقها. لكن الجور لحق ببعضهم ووقع في الرق ظلما وعدوانا على أيدي اللصوص وقطاع الطرق..، أكثر من وقع علهم الظلم كانوا الفقراء والضعفاء من الأطفال والنساء، خاصة من سار منهم على الإقدام في اثر القوافل).

ويضيف عبدربه متزيا بالزي الحجازي التقليدي ( من أعجب مفارقات ذلك العصر اختيار قدماء التكروريين الاستقرار والجوار هناك في الوقت الذي هاجرت فيه أعداد من سكان الجزيرة أفرادا أو جماعات لجنوب العراق والشام والسودان والهند بحثا عن المراعي الخصبة أو الرزق والعمل).


ويذكر المؤرخ السعودي محمد حسين زيدان رحمه الله في كتابه "المدينة في العهود الثلاثة" ( أن فخري باشا، قائد قوات العثمانيين في الحجاز، أجلى جميع سكان المدينة المنورة تقريبا للشام وتركيا بالقطار عام 1335هـ في الحادثة المعروفة باسم "سفر بَرلِك" ولم يبق في المدينة إلا التكروريين الذين صبروا على الظروف القاسية والجوع الذي ساد حينها بسبب نقص الغذاء الناتج عن الحرب العالمية الأولى! عمل كثير ممن بقي من التكروريين في المدينة في الجيش العثماني وكانوا ضمن ضباطه وجنوده وكان لهم دور بارز في حفظ الأمن وصيانة ممتلكات الناس والدور الخالية بعد ترحيل أهلها). ويتضح أن كلمة ( تكارنة ) ما هي إلا تصحيف لكمة ( تكرور ) وهي عامة لكنها لا تشير الألقاب الأخرى التي يحملها مواطنون ( تكارنة ) ومنها فلاتة، وهوساوي، وبرناوي، ... الخ. لكن من أين جاءت كلمة تكرور؟.

يتبع !!!!

من هم التكارنة والى من ينتمون ++( الحلقة الاولى )++

الحلقة الاولى 
(من هم التكارنة )


مواطنون سعوديون امتدادهم خارج الجزيرة العربية


منصور إبراهيم من جدة: تناولت موظفة الاستقبال الشابة الجميلة في أحد فنادق العاصمة التونسية الجواز السعودي من الزائر الواصل لتوه، ولحظة أن همت بتدوين بياناته، استوقفتها كلمة ( تكروني). بادرت صاحب الجواز بالسؤال:
أنت سعودي؟! رد عليها وقد ارتسمت على محياه دهشة ممزوجة بابتسامة غامضة بالإيجاب، وبدا عليه أن لم يرتح لسؤالها.


وبحس لماح أدركت موظفة الاستقبال ذلك، وأكملت عملها، ثم ناولته مفتاح غرفته، فمضى نحوها، غير مكترث كثيرا لسؤالها.

 وبعد استراحة قصيرة هبط ( ي. تكروني ) إلى بهو الفندق، فلفت انتباهه ابتسامة حقيقية ترتسم على محيا موظفة الاستقبال التي استدعته واعتذرت له، موضحة أنها لاحظت أنه تضايق من سؤالها. ثم استرسلت في الحديث، ليفهم منها أنها فقط استغربت من لقبه ( تكروني ) وطلبت منه معلومات عنها.فراح يحكي لها.

(يوسف التكروني ) هو واحد من آلاف السعوديين – يعيش أغلبهم في منطقة الحجاز - الذين يحملون هذا اللقب. ولكن بالمقابل يبقى هناك الكثيرون الذين لا يعرفون خلفيته، إذ تكتفي الغالبية بمعرفة أن كل فرد ( اسود البشرة ) في السعودية هو ( تكروني ) غالبا. 

فما هي خلفية هذا اللقب وحقيقته؟

يرجع وجود ( التكروريين ) في الجزيرة العربية لأزمنة بعيدة تصل لأكثر من ألف عام. فمع دخول الإسلام لغرب أفريقيا في القرن الحادي عشر الميلادي، أوائل القرن الخامس الهجري وجب الحج على كل من اسلم من أهل تلك البلاد فكانت رحلات الحج أول اتصال طوعي بين العرب وأهل أفريقيا. كمواطنين في الدولة الإسلامية الممتدة من جزيرة جاوة إلى سواحل أفريقيا على بحر الظلمات ( المحيط الأطلسي)، حيث كانت إقامة قُدماء التكروريين في أرض الحرمين أمراً طبيعيا وحقا من حقوق المواطنة لرعايا الإمبراطورية الإسلامية.



يقول سعيد عبدربه التكروني (
75 عاما) المولود في مكة المكرمة ( بعد أداء فريضة الحج، كان كثير من الحجاج من العالم الإسلامي يختارون الاستقرار والمجاورة في أرض الحجاز على الرغم من قسوة الحياة وشظف العيش وقلة الأمن وقتذاك.
 ومن يستقر في أرض الحرمين يندمج في المجتمع الحجازي اندماجا تاما فيتأثر به ويؤثر فيه ).

يتبع!!!!