الخميس، 26 مايو 2011

من هم التكارنة والى من ينتمون ++( الحلقة الرابعة )++

الحلقة الرابعة

الاصل في مسمى (( تكروني))!

يقول
الدكتور
/ عمر بن حسن فلاته
مدرس بالمسجد النبوي الشريف - أستاذ بجامعة طيبة -


الحمد لله رب العالمين الذي بنعمته تتم الصالحات ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
تمثل قبائل (البرنو والفلاتة والهوسة … الخ )

أبرز قبائل غرب إفريقيا – جنوب الصحراء حيث تتفرع منها قبائل أخرى
عرفت بقبائل التكارنة ( التكاررة ) وهي أكثر شهرة في البلدان العربية – وخاصة الحجاز . وهذا الإطلاق ( التكاررة أو التكارنة ) قديم ارتبط بهذه القبائل منذ ترددها وتكرارها لأداء مناسك الحج والعمرة الذي تحرص هذه القبائل على أدائه وتكراره كما أن هذه القبائل عرفت بكثرة الهجرة إلى أرض الحرمين الشريفين منذ زمن بعيد ، وتزداد الرغبة إلى الهجرة كلما وجد لها مبرر شرعي أو طبيعي ، ولذا فقد عرفت جماعة التكارنة بمكة المكرمة ، وبالمدينة المنورة من أزمان بعيدة حيث وردت الأخبار عنهم في كثير من كتب التاريخ . لاسيما التي تتحدث عن الحياة الاجتماعية والسياسية والدينية للمجتمعات الإسلامية ، كما أن الوثائق التاريخية ، وتراجم الأعلام ، وذكر المدارس والأحياء والأربطة والأوقاف تورد أسماء الجماعة التكارنة في هاتين المدينتين المقدستين ، وقد تعرضت المدينة إلى إخلاء معظم سكانها إبان الحرب العالمية الأولى والثانية ، لظروف خاصة ، وقد تأثر كثير من جماعة التكارنة بهذا الإخلاء فسافروا إلى الشام وتركيا ، وكثير منهم رجعوا إلى أفريقيا وبعد أن انجلت الحروب عاد كثير منهم إلى المدينة ومارسوا نشاطاتهم المختلفة ، وانخرط الكثير منهم في الأعمال والوظائف الحكومية والأعمال الخاصة بل اشتهر كثير منهم بممارسة بعض الحرف كالبناء واللياسة والنجارة و السقاية والعتالة والفرانة والطباخة والخياطة والسواقة شأنهم شأن ساكني المدينة المنورة .


++++++++++++++++++++++++++++++++++=

مملكة التكرور من الضعف للقوة للتفكك


في بدايات وأواسط القرن الثالث عشر الهجري (1210ـ 1260هـ ) كانت مملكة التكرور في ضعف شديد ولم يُسمي المؤرخون لها حاكما قويا يَلمُ شملها، وعلى الأرجح أن مملكة التكرور كانت مقسمة للمالك وإمارات صغيرة ليس لها تأثير يذكر عسكريا أو سياسيا في تلك الفترة. لكن مع مطلع القرن التاسع عشر الميلادي ظهرت حركات إصلاحية كثيرة في غرب إفريقيا وبلاد التكرور ،كما في بقية أجزاء العالم الإسلامي حيث كانت حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نجد مابين عامي 1730و 1793م تقريبا.

اشتهر من هذه الحركات الإصلاحية 

حركة الشيخ عثمان دن فوديو وحركة الحاج عمر تالالمتزامنتان تقريبا.

ورغم أن بعض المحللين يصفون هذين الرجلين بالصوفية فأعمالها وجهادهما تدعوا للتساؤل عن صحة هذه المقولة. فكما هو معلوم، فالصوفية يكتفون بالتأمل والعزلة ولا يجاهدون عدوا ولا يقارعون كافرا وكل همهم العيش الخشن والتمتمة. والحقيقة هناك بعض النصوص التي تؤكد أن منهج الصوفية كان من التجارب التي مر بها الشيخ عثمان دن فوديو في بداية شبابه لكنه ترك العزلة وتفرغ للجهاد بقية حياته.



حركة الشيخ عثمان دن فوديو

ونبدأ بأولهما مولدا، الشيخ عثمان دن فوديو الذي ولد حوالي سنة 1754م. درس الشيخعثمان العلوم الإسلامية على يد والده و أعمامه وبدأ بنشر الدعوة وهو في سن العشرين في بلدته دقل. في بداية حياته وجهاده ربط الشيخ عثمان الجهاد بقرب ظهور المهدي آخذا برأي السيوطي الذي حدد في كتبه موعد ظهور المهدي بسنة 1200هـ. لكن الشيخ عثمان تراجع عن هذا التوجه بعد ما لاحظه من ادعاء بعض المفترين بالمهدية ونفى ان يكون هو نفسه المهدي. 

أدى الشيخ عثمان فريضة الحج وعاش فترة بين أبناء جلدته من قدماء المهاجرينالتكروريين، كما التقى برجال الدعوة السلفية للشيخ محمد بن عبد الوهاب في الحجاز وتأثر بها. الرئيس السابق لقسم التاريخ في قسم العلوم الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور مصطفى مسعد مؤلف كتاب " دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في حركة عثمان بن فودي الإصلاحية في غرب إفريقيا" يؤكد تأثر حركة الشيخعثمان بن فوديو بالدعوة السلفية وبين تطابق أسلوب ومنهج الدعوتين. اتبع الشيخ عثمان نفس طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نشر الدعوة وهو أسلوب بعث الرسائل وبث الدعاة.

كان الشيخ عثمان يجوب المساجد والأحياء ويلقي الخطب ويكتب باللغة العربية. وللشيخ قصائد بلغة الهوسه والفلاني مكتوبة بالأبجدية العربية.

هذه المواعظ أكسبت الشيخ شهرة عريضة وكانت من أسباب التفاف الناس حوله من قبائل كثيرة.

وفي عام 1795م أعلن الشيخ عثمان الاستعداد لجهاد حاكم إمارة جوبير بهدف "إزالة الظلم والطغيان بعد تفشيه هناك" وتطهير العقيدة الإسلامية مما لحقها من الشوائب والشرك ونشر الإسلام بين الوثنين. حاكم إقليم جوبير الذي ينتمي له الشيخ، واسمه نفاثا، كان قلقا من حركة الشيخ عثمان وحأول السيطرة عليه.

أعلن نفاثا أن امتياز الدعوة للشيخ فقط ولا يحق لاتباعية نشرها بين الناس. كما اصدر مراسيم قضت برجوع من اسلم من الوثنيين لوثنيتهم وان لا مسلم إلا من كان أبواه مسلمان. كما منع الرجال من لبس العمائم ومنع النساء من ارتداء الحجاب، ولا يستبعد أن تكون تلك الإجراءات بإيعاز من الانجليز الذين كان لهم وجود قوي في تلك المناطق. بل إن الحاكم حأول القبض على الشيخ عثمان أو التخلص منه.

كانت تلك الإجراءات سببا في خروج الشيخ واتباعه للصحراء ليستقر في مدينة بعيدة تسمى جودو.

 ومن هناك كانت بداية تأسيس إحدى اكبر الممالك الإسلامية في غرب إفريقيا. فمن جودو أعلن الشيخ عثمان الجهاد وخاض معارك كثيرة ووجدت دعوته استجابة واسعة في غرب إفريقيا وانضمت لحركة قبائل من مناطق تشاد والنيجر والطوارق. وانتظم الجهاد وشمل كافة لإمارات مثل كانو وزاريا ثم تُوج الجهاد بتأسيس خلافة سكوتو عام 1831م وسمي الشيخ بأمير المؤمنين. اسمرت حياة هذه الإمارة حتى عام 1903م حيث سقطت على يد الاستعمار الانجليزي وأعوانه. توفي الشيخ عثمان بعد ذلك الجهاد الطويل وخلفه ابنه محمد بيلو
للشيخ عثمان مؤلفات كثيرة منها "إحياء السنة وإخماد البدعة" ونصيحة أهل الزمان" وكتاب " أصول الدين" وتؤكد هذه المؤلفات أن الشيخ كان واسع الاطلاع على الأحاديث النبوية الشريفة ، وأقوال الخلفاء الراشدين وأتباعهم وآراء الأمة الأربعة. كان الشيخ يهدف من مؤلفاته إصلاح أحوال العلم والعلماء وتطبيق أحكام الله، و تصحيح الإيمان بشكل يؤدى إلى إقامة الشريعة كما أمر الرسول نهى والتبصر في الدين. كان الشيخ رحمه الله فصيحا بليغا، جميل العشرة كريم الصحبة.




يتبع,,,,,,,

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق