تدخل منتدى الساحات ، فترى العجب العجاب

 للطريقة التي يتعامل فيها أغلب روادها مع أبناء العوائل الحجازية - أو الشخصيات العامة منهم .

 فجمال خاشقجي حينما لم يعجبهم نعتوه بالـ "مهاجر الروسي أو الشركسي" وبطريقة تقلل من كرامته

وتلغي عنه حق المواطنة ، هذا بالرغم من ان آل خاشقجي من أعيان المدينة المنورة ولقرون طويلة ..

صالح كامل ، يتعرض لنفس الموال ومنذ سنوات ، فهو الصوفي الفاسد ، و"المهاجر الباكستاني" الذي -على حد قولهم- سرقهم "والبلد بلدهم" ..

حسين شبكشي هو الآخر دخل قائمة الحقد العنصري البغيض ، وصار لايُنعت إلا مصحوباً بزفّة تفيد أنه مهاجر مصري خسيس ..

ناهد با شطح كذلك حينما أبدعت على احدى الفضائيات ، قالوا عن أصلها الحضرمي مالم يقله مالك في الخمر ..

في مجلة إيلاف الالكترونية ، وقبل فترة بسيطة ، تحدث أحد الإعلاميين العرب ، عن احد الردود التي وصلته حينما دافع عن بعض الإعلاميات السعوديّات ، وكان موضوع ذلك الرد الحانق أن النساء السعوديات اللاوتي دافع عنهم ذلك الاعلامي العربي - كانوا يتبعون الاقليمية الحجازية - فهن بالتالي لسن بسعوديات ولا يُعبرّن عن نساء الجزيرة العربية "المحتشمات" . 

وكأن نساء الحجاز هنا المستقلات فكرياً والمتحررات من القيود الاجتماعية "المضافة على الاسلام" - داعيات رذيلة أو ممارسات فاحشة ، والعياذ بالله ..

الأمر يتكرر بشكل روتيني ، بل انه صار من صميم حياتنا اليومية . الكل يسأل عن "أصلك" .

 وان لم يكن أصلك قبلياً - مع كامل الاحترام لاخواني أبناء القبائل - فأنت (( طرش بحر )) ، و (( مهاجر )) ، (( ومواطن درجة ثالثة )) ..

صحيح أن أغلب العوائل الحجازية تعود في أصولها العرقية والاثنية الى عرقيّات وقوميّات شتى ، من الصين الى فارس ، ومن الشام الى المغرب ، ومن أفريقيا الى الهند ، ومن تركيا الى حضرموت ،

إلا أن كل ذلك لم يعني أن لا يكون لتلك العوائل هويّة مُشتركة ، ناتجة عن اندماج اثني ، وتكامل انثروبولوجي ، حَتمَه التواجد التاريخي المُبكر في حواضر مكة والمدينة وجدة.

بحيث أنّك لو تحدثت عن المجد التليد الذي كان موجوداً في تلك الرقعة وذلك في نهاية الحقبة العثمانية ، وبداية العهد السعودي ، لما قلت هذا من فضل الأفغان ، أو المغاربة ، أو الهنود ، بل ، لقلت ، هذا من فضل الحجازيين من أصول هندية ، ومغربية ، وأفغانيّة ، وجميع تلك القوميّات كانوا أهل علم وحضارة في وقت كانت الجزيرة العربية ترزح في حمأة الظلام والجهل .

وأغلب الأفكار العنصرية تجاه أهل الحجاز تخرج على أساس أن الارتباط بتلك الجذور العرقية أمرُ يعيب الشخص ويحيم حوله الشبهات .

والمؤسف أن دعاة هذه الأفكار العنصرية الجاهلية ينطلقون من منظور (( ديني )) في الأغلب ، وبشكل يدعوك الى الإحباط والانزعاج .

الحجازيون حينما هاجر أجدادهم الأوائل منذ قديم الزمان الى مكة ، أو المدينة ، لم يكونوا في موقع المرتزقة أو الطامعين في خيرات البلاد ، ليتم الطعن في كرامة وإنسانية أحفادهم وبهذا الشكل المشين ،

 بل إنهم هاجروا لأغراض التعليم والتجارة وخدمة الحرمين وزائريه . ولعل نظرة واحدة في أسماء العوائل التي ارتبط اسمها تاريخياً ووراثياً - والى اليوم - بحق الطوافة وخدمة حجاج بيتي الله ، يعطيك فكرة عن الأدوار التي كان يقوم بها الأجداد الأوائل . 

والدولة السعودية حينما قامت في بدايتها ، لم يتحمس أبناء الحجاز أول الأمر ، لاستخراج ( التابعيّة السعودية ) ، بل إن كثير من العوائل الحجازية العريقة فرّت و"هاجرت" هجرة عكسية الى تركيا أو العراق أو الهند ، قبل أن تعود من جديد بعد أن استتب الأمن في البلاد .

 والحجازيون حينما غضبوا في احد المرّات على احد قرارات سلطان نجد في الحجاز قاموا الى واليه يقذفون بـ "التابعيّات السعوديّة" مطالبين "بريالهم" الفضة الذي كانوا قد دفعوه كقيمة لتلك التابعية التي تخولهم الجنسية .

صحيح أن اليوم انتهت هذه الفروقات - أو ربما لم تنته - لكني قصدت أنه يجب أن تنتهي وتُلغى على شكلها العنصري .

 فالبلاد أصبحت رقعة واحدة ، والاندماج الإقليمي ترسخ وبشكل طيّب ، خاصةً أننا نتحدث عن الوطن الحديث ، ونطالب بالاصلاح الواحد ، ونتعامل على أساسٍ مشترك ، كجنس اشتراكنا جميعاً في حاضر ومستقبل ومصير هذا الوطن . لكن ماذا نقول فيمن يريد - عن جهل - لهذه الحزازيات أن تسود ؟ ..

المؤسف الأكبر ، أن هؤلاء الذين يتبجحون باحتكارهم للجنسية السعودية ، يقول منطقهم أنهم الأقل معرفةً وإدراكا بتاريخ وطبيعة قيام المملكة العربية السعودية .

سادتي وأنتم الواعين ، ليس هدفي في طرحي أن يحب ويعشق الجميع الحجازيين ، بل أن يحترم الجميع الآخرين ، ويحترمون فيهم الفروقات ، فما تراه عيباً لديك ، من الممكن أن يكون لدى غيرك شرفا . ولا يحاسب المرء بأصوله ومنطقته ، بقدر ما يُقيّم على أساس عمله وكفائته ..

والله من وراء القصد .